lovley boy الزعيم
عدد الرسائل : 146 العمر : 34 لو عندك موقع اكتبة هنا : ميديا اون لاين العمل/الترفيه : صحفى المزاج : تمااااااااااااااااااام مزاجك اية النهاردة : وظيفتك : Personalized field : دعاء : تاريخ التسجيل : 23/11/2008
| موضوع: حكايات القرية الجزء الاول الأحد نوفمبر 30, 2008 3:31 am | |
| الحكايات عن القرية كثيرة جداً، حتى أننا لا نعرف أين تبدأ الحقيقة وأين تنتهي، ولكن التاريخ المؤكد هو أن القرية كانت بالكامل عبارة عن إقطاعية كبيرة لإقطاعي مصري من أصل تركي شديد الثراء، وكان معظم سكان القرية يعملون عنده كمستخدمين وأجرية نظير الحماية والكفاف من متطلبات الحياة، وأثير حول هذا الإقطاعي كثير من الحكايات الوهمية سنذكرها لاحقاً، كما كان هناك الكثير من الشركات الأجنبية الإنجليزية والفرنسية التي عملت بجانب القرية في مصانع أحذية ومزارع فواكه وغيرها، ثم جاءت الثورة ليهجر العمال المصانع ويعودوا إلى أوروبا، وتقسم الإقطاعية الكبيرة على الفلاحين، فقد الإقطاعي معظم ما يملكه، وبقي له القصر الكبير في منتصف القرية، وبضعة آلاف من الجنيهات في البنك مع بضعة فدادين، والغريب أن هذا الإقطاعي لم يهجر مصر ويعود إلى تركيا أو إلى إحدى دول أوروبا كما حدث مع معظم الإقطاعيين، بل تمسك بأصله المصري؛ لأنه لا يعرف لنفسه جنسية أخرى، كما أن ما يربطه بالقرية أكبر بكثير من الثورة أو فقد المال، وبمرور الوقت اندمج أكثر فأكثر مع أهل القرية التي لم تعرف سيدا لها غيره، وتحول الإقطاعي إلى عمدة القرية وقصره إلى دوار العمدة، واستطاع الرجل بمرور الوقت أن يعيد جزءًا مما فقده، وعاد الحال إلى ما هو عليه.
القرية تقع داخل حدود محافظة الشرقية، ولها لهجة مختلفة تجعل كل غريب عنها ينفجر من الضحك بسبب مخارج الألفاظ المضحكة، فعندما يتحول الدال إلى راء والجيم إلى دال شبيه بحرف التاء والراء إلى ياء، تكون اللغة العربية قد أصبحت أشبه باللغة التركية!.. كأن يقول مثلاً: تاموسة محمر أبو محمور أكلت الريبة.
كما أن لأهل القرية العديد من المصطلحات التي لا يفهمها الغريب، وعندما يجتمع فردان من القرية معاً، فإنه يصبح من الصعب جداً أن تتابع المحادثة بينهما، لا بد أن تعاشر أهل القرية لسنة أو يزيد حتى تستوعب مصطلحاتهم.. ولكن البعض يفسر هذا بأزمنة العزلة التي عاشتها القرية بعد الثورة، فالقرية أشبه بمجتمع منعزل تماما يتكون من ألف نسمة، معظمهم من الأقارب والمعارف، فكل فرد في القرية يعرف الآخر حق المعرفة وحسبه ونسبه وعدد أبنائه ودرجة تعليمه، وعلى الرغم من الملامح الغريبة لأهل القرية البعيدة عن الملامح المصرية الأصيلة، فجميعهم بيض البشرة والخدود وردية، وهناك مسحة من اللون الأشقر على شعر معظمهم، والعيون يتدرج لونها بين الأخضر والأزرق، طبعا كان هذا بسبب الفترة الكبيرة التي اختلط فيها الأجانب مع أهل القرية فتزاوجوا وتناسلوا، وهذا ما جعل من فتيات القرية مطمعا للراغبين في الزواج من حوريات أشبه بحوريات أوروبا، إلا أن أهل القرية يصرون على التزاوج فيما بينهم، حتى الرجال يعفّون عن الزواج من خارج القرية، أو حتى الانتقال إلى خارج القرية دون أسباب واضحة، وهذا جعل العداوات تشتعل بين أهل القرية وأهل القرى المجاورة، وأنبت بدوره العديد من الأطفال المشوهة والمعاقة ذهنيا وبدنيا بسبب زواج الأقارب.. حتى حملات التوعية التي شنتها الصحة على القرية لم تفلح في فك الحصار الحضاري الذي فرضته القرية على نفسها، وأي غريب يحاول أن يدسّ أنفه في شئون القرية يطرد على الفور، وأي شخص قادم من خارج القرية ولو لزيارة عابرة غير مرحب به على الإطلاق.
اسم القرية غريب نوعا ما وهو "ديم الشلت"، لا تسألني عن السبب أو الظروف التاريخية لهذا الاسم فلا أحد يعرف، وبجانب القرية هناك تل كبير يسمى طبعا باسم "التل الكبير"!. بجانب التل الكبير هناك تل أكبر مكوّن من أكوام النفايات التي بسببها يهب على القرية هواء غير صحي، خصوصا أن هذا التل لا يتزحزح من مكانه أو يتوقف عن النمو، ولا يتوقف أطفال القرية أيضا عن اللعب عليه بإشعال النار في هذه الأكوام المتراكمة غير المنتهية، وبجانب كل هذا تقع مقابر القرية، طبعا لا أحد يتذكر "التل الكبير" هذا إلا في المناسبات الخاصة كشم النسيم، فتخرج القرية بكاملها لتقضي يوما ربيعيا تحت أشعة الشمس الحارقة وبين التراب الخانق ذي الملمس العجيب، وتشم هواءً مشبعا برائحة النفايات المشتعلة، هذه العادات الغريبة التي تجدها في القرى المصرية قد تصيبك بالجنون، ولكن البحث عن المنطقية في أفعال أي مجتمع مغلق مثل هذا مجرد مضيعة للوقت..
الحكايات داخل القرية غريبة وتدل على مستوى ثقافي متدهور، يقولون إن هناك بركة كبيرة أشبه ببحيرة كانت تتوسط القرية. قدماء القرية يحكون عن الجنية التي تسبح في المياه أمامك غير مبالية بأي شيء، وشعرها يمتد على مسافات بعيدة، الوقت المفضل للسباحة لدى الجنيات هو وقت العصر والغروب، ومعنى أن تغامر بالسباحة في وقت استحمام الجنية هو أن شعرها سيلتف حولك ولن تظهر للعيان مرة أخرى، يقولون إن الجنية تستخلص هذا المغامر لنفسها لتتزوجه وتمنحه الخلود، ومعنى أن تسير بجانب البحيرة أو "البحر الصغير" كما يطلق عليه سكان القرية بعد صلاة العشاء، هو أن يجد سكان القرية جثتك غداً وعلى وجهك أشد علامات الرعب، وبعد بعض حوادث الموت المجهولة في زمن الثورة، جاءت فرق عاجلة لتردم البركة أو البحر الصغير، وتبني فوقه نقطة الشرطة التي لا زالت بحالها لم تجدد منذ بنائها، يرأس هذه النقطة نقيب من سلالة الإقطاعي القديم، بالطبع استغل هذه الحكايات المشعوذون ومدّعُو القدرات والبركات، فهناك من يدعي قدرته على التخاطب مع الجنيات وإيذاء خصومه أو فك الأعمال وغيرها من الترهات، وهناك من يدعي أن الجنية تقوم بتوصيله يومياً إلى الجامع؛ لأنه ضرير، طبعاً فضلاً عن الروايات الشهيرة المعروفة عن المارد والعفريت وحارس المقابر والأرواح الشريرة والبيوت المسكونة.
كان من الممكن أن تستمر الأمور على هذا الشكل إلى الأبد، ولكن إحدى شركات البحث عن النفط التابعة لوزارة البترول والطاقة، كانت تنقب بجانب القرية وحاولت البحث عما يثير الاهتمام في التل الكبير، بعد عشرة أمتار فقط من الحفر وجدت شيئاً غريباً، يقولون إن الفراعنة بنوا حوالي سبعين مليون مقبرة، من الوارد جداً أن تتعثر في مقبرة مطمورة تحت الرمال، وهكذا تعثرت شركة التنقيب في طرف مقبرة أثرية، أرسلت الشركة إشعاراً إلى وزارة البترول التي أرسلت بدورها برقية إلى وزارة الثقافة، فكان الاتفاق على أن تستكمل شركة التنقيب الحفر حتى تجد مدخل المقبرة، على أن ترسل الهيئة العامة للآثار خبيراً ليقود العملية، طبعاً هاج أهل القرية وماجوا على تدنيس حرمة القرية والتل الكبير، ولكن العمدة ونقيب نقطة الشرطة أفادوا بأن الأمور على ما يرام، بل عرضوا استضافة الخبير دون أي أعباء تضاف على عاتق الهيئة، وهكذا وجدت نفسي أرتدي زي "إنديانا جونز" "ولارا كرافت" منقباً عن الآثار والتحف الغابرة.. الحكاية لم تبدأ بعد، ولكني أردت إعطاءك صورة كاملة عما ينتظرني داخل القرية. | |
|